ظهور فجائي لخطوط حمراء غريبة عند طفلة سعودية: دراسة حالة

في أحد مستشفيات مدينة الرياض، ظهرت طفلة سعودية تبلغ من العمر 12 عاماً، بصحة ممتازة وسجل طبي نظيف، إلا أن ما لاحظه الأهل قبل أسبوعٍ من مراجعة العيادة جعلهم يشعرون بالقلق. بدأت العلامة الأولى كبقعة صغيرة حمراء على جانب ذراعها السفلي، غير مؤلمة ولم تسبّب أي حكة شديدة، لكنها سرعان ما انتشرت على طول الساعد حتى منطقة الكوع.

في البداية ظنّ الأهل أنها مجرد تغير جلدي عابر أو علامات تمدد طفيفة. إلا أنه مع مرور الأيام، لاحظوا شبكة معقدة من الشعيرات الدموية الدقيقة، واضحة تحت الضوء على الجانب الأيسر من الذراع فقط، دون أن يظهر أي أثر مشابه على الجانب الآخر. هذا النمط أحادي الجانب كان غريباً ومثيراً للدهشة، ليس فقط للأهل، بل للأطباء الذين فحصوا الطفلة.

أثناء الفحص السريري، لاحظ الطبيب أن هذه الخطوط الرفيعة المنتشرة على الجلد تتبع مساراً يشبه خطوط العصب أو الحدود التشريحية للجلد، وهو نمط مميز للحالات النادرة المعروفة باسم Unilateral Nevoid Telangiectasia (UNT). هذه الحالة تمثل توسّعاً غير طبيعي للشعيرات الدموية في منطقة محددة من الجلد، غالباً في شكل خطي أو شِبه الشقّي، وغالباً ما تظهر في مرحلة الطفولة أو المراهقة، مع تفضيل الجانب الأيسر في كثير من الحالات.

للتأكد من التشخيص واستبعاد أي اضطرابات مرتبطة بالهرمونات أو الكبد، أجريت للطُفلة تحاليل كاملة تشمل وظائف الكبد، ضغط الدم، ومستويات الهرمونات. جاءت جميع النتائج طبيعية، مما عزّز أن الحالة حميدة ومعزولة، ولم تكن نتيجة مرض كامن أو خلل جهازي.

الحالة أثارت نقاشاً بين الأطباء حول أسباب ظهور UNT. في بعض الدراسات، ارتبطت هذه الحالة بزيادة محلية في هرمون الإستروجين أو تغيرات هرمونية أخرى خلال النمو، بينما في حالات نادرة، تكون وراثية أو تظهر بدون سبب واضح. في حالتنا، لم يكن هناك تاريخ عائلي لهذه الظاهرة، ولا أي مؤشرات على اضطرابات هرمونية أو مناعية.

بالنسبة للعلاج، اختار الفريق الطبي مراقبة الحالة أولاً، مع توجيه الأهل إلى أن UNT لا تسبب ألماً أو مضاعفات صحية، لكنها قد تؤثر نفسياً أو جمالياً على الطفل. يمكن استخدام ليزر الصبغة النبضي في حال رغب الأهل في معالجة المظهر، وهو خيار آمن وفعال لإزالة الخطوط الوعائية الدقيقة، مع متابعة دورية للتأكد من عدم ظهور أي علامات جديدة أو تطورات غير متوقعة.

مع مرور الوقت، استقرت الحالة دون أي مضاعفات، وعادت الطفلة لممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي. ومع ذلك، تركت هذه الحالة درساً مهماً للممارسين الصحيين: أي توسّع وعائي مفاجئ على جهة واحدة من الجسم يجب فحصه بعناية، حتى لو بدا صحياً بالكامل. UNT قد تبدو مجرد مسألة جمالية، لكنها تقدم مثالاً على كيفية أن الجلد يمكن أن يعكس تغييرات دقيقة وغير متوقعة، تستحق الاهتمام الطبي والمتابعة الدقيقة.

في النهاية، تذكّرنا هذه الحالة بأن حتى أكثر الحالات “حميدة” قد تحمل مفاجآت غريبة ومثيرة للاهتمام، وأن الملاحظة الدقيقة والفحص الشامل هما المفتاح لفهم الظواهر النادرة، وضمان راحة المريض وطمأنة الأهل.

تقرير الحالة المنشور:

https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC11904768/

Leave a Reply

Your email address will not be published.